انتكاسات الحقوق الأصيلة للمرأة وغياب دور الإرادة السياسية
تتفاقم معاناة النساء بتراجع المكتسبات الحقوقية والقانونية التي كانت تحظى بها بعد تاريخ من النضال الطويل للنهوض بأوضاعها ومنها ما يحدث من تمييز وتضييق وتقييد للحريات وآخرها الغاء برنامج الماجستير في مركز تنمية المرأة في جامعة تعز، والذي أدانت اللجنة الوطنية للمرأة جميع هذه الممارسات والاجحاف بحقوق النساء التي كفلها الدستور ، ويأتي ذلك في ظل عدم الوقوف الجاد من الجهات الحكومية والوزارات والسلطات المحلية المعنية لمساندة حقوق المرأة ٲمام الحملات التحريضية المتكررة، و التهديدات الفكرية والقمعية ، الممنهجة عليها وهي الأشد معاناة في ظل فترة الحرب ،وحرمانها من ٲبسط حقوقها في التعليم ، والتعليم العالي والتمكين في كافة المجالات لنلمس تراجع حتى في القرارات الصادرة للنساء الٲمنيات في شرطة تعز العام الماضي، بالٳضافة الى الحرمان من التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي، في عملية تستهدف زيادة الصراع السياسي وتأجيج النزعات، مما يتعين ويستوجب على الحكومة التصرف على نحو حاسم لوقف الانتكاسات والتراجع في الحقوق الاصيلة المكتسبة قانونا . وٳن استخدام بعض القوى السياسية وٲطراف النزاع، العنف القائم على النوع الاجتماعي كأداة لتعزيز سيطرتهم السياسية أو الايديولوجية أو العسكرية ، وهو أمر تمارسه كل القوى المتطرفة بمختلف توجهاتها إذ يختلفون على السلام ويتحدون في استمرارية الممارسات التمييزية ضد النساء ، و في تقييد النساء متخذين من المفاهيم المغلوطة لمنظور النوع الاجتماعي هدفا لحرمان النساء من حقوق المواطنة المتساوية وكانه خروج عن الدين والشريعة بنظرة ضيقة وأحادية وإقصائية دون فهم لواقع الوعي المتجدد والتمكين الاستراتيجي الذي سيخدم تنمية المرأة والمجتمع ككل. وتعد أدوار النساء والرجال هي من صنع المجتمع وبالتالي فهي قابلة للتغيير ، وعندما نقول ٲن نسبة الٲميات من النساء أعلى من الرجال فهذا ليس بطبيعتهن البيولوجية كإناث ، وانما لأنهن لم يحصلن على حقهن في التعليم بسبب الأدوار المجتمعية المترتبة على كونهن إناثا ، والتي لا تضع التعليم للفتاة كأولوية وهذا ما يجب التنبه له من الجهات المعنية؛ لرفع الوعي المجتمعي بمنظور النوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين ليست مسألة تخص النساء بقدر ماهي تعني النساء والرجال معا ؛ ويقصد بها تقبل الفوارق بينهما والادوار المختلفة التي يؤديها كل منهما . ومما لاشك إن قصور الوعي والاستناد على مفاهيم مغلوطة واستخدام الخطاب الديني للتأثير على الرأي العام يستدعي التكاتف والوقوف الجاد نحو كافة قضايا النساء، والمناصرة لإظهار الأصوات الحقيقية الداعمة ، وأن نرى جهود حكومية ملموسة أمام الانتهاكات وأمام الضغوطات التي على صناع القرار في مؤسسات تعد منبرا للعلم وأن تكون المعالجات موضوعية و تقف بحزم أمام كل الممارسات التي تنتهك حقوق المرٲة . وتسعى اللجنة الوطنية للمرأة الى ٳحداث تغيير في القوانين التمييزية ، من خلال ٳحداث تغييرات في السياسات التمييزية في عدد من النصوص ، وهذا يعنى بتغيير في السلوكيات الاجتماعية، ويتعين علينا جميعا السلطات الحكومية والآليات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والشبكات المحلية سواء التي تعنى بالمرأة أو غيرها أن نضمن ترجمة الخطاب الاجتماعي والديني بشكل صحيح؛ لخلق وعي يساعد ويساند المرأة لتنال حقوقها دون إرهاب مجتمعي . ومفهوم العدالة الذي نطالب به قد يكون أشمل واحق في بعض الحالات من مفهوم المساواة، فهو يهدف إلى تحقيق توازن يحقق العدل ، وإن الاهتمام بإدماج مفهوم النوع الاجتماعي لسد فجوة الاحتياجات بين الجنسين في عملية التغيير يستلزم تدخلات ممنهجة وقياس مستمر لأثر التدخلات على الجنسين ، وتحقيق فهم افضل لاحتياجات المجموعات والفئات المختلفة في المجتمع وهذا لن يتأتى الا في ظل عملية تكاملية من المجتمع ، الى ذلك تعد الحاجة الى تعديل القوانين التمييزية ملحة لضمان حصول المرأة على حقوقها وضمان احترام هذه الحقوق في الواقع الفعلي لٲن المواطنة تقتضي المساواة بين الجميع . ومن الضرورة إعادة النظر في ردود الفعل الاجتماعي والحملات التحريضية، وما يحدث من تراجع في الحقوق الاصيلة لحقوق الانسان في الآونة الأخيرة يكرس ثقافة العنف المبني على النوع الاجتماعي من تقييد للحريات ، سواء تقييد في حركة التنقل، أو تقييد في حرية التعليم المبني على النوع ، لن يساعد على تنمية المرأة ومعالجة واقعها المجتمعي مما يستدعي المناصرة من كافة القوى الوطنية والمدنية الداعمة لحقوق النساء، ويتطلب استخدام الاعلام الاجتماعي وإشاعة ثقافة احترام سيادة القانون والمساواة، وينبغي على الدولة بمؤسساتها وهيئاتها العمل على منع وحظر التمييز المبني على النوع الاجتماعي ومعالجته؛ بإرساء مفاهيم الحقوق والقانون المصادق عليه وفق الدستور و القانون اليمني والمواثيق الدولية والاتفاقيات المعنية والتي لا تمس بشريعتنا الإسلامية السمحاء والذي تعد المصدر الأساسي للتشريع . وعلى الحكومة ممثلة برئاسة الوزراء ووزارتها المعنية سماع أصوات النساء وضمان حقوقهم، وإعادة التقييم في المنظور القانوني والقضائي وانفاذ القانون والحقوق ؛ لتعزيز الانظمة التي ٲرست الحقوق وفق القوانين الوطنية والاتفاقيات التي تمنع العنف القائم على النساء في كافة المجالات بما فيها مسارات التعليم، والوعي وتمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي بكافة اشكاله. د.روزا الخامري مدير عام الشؤون القانونية في اللجنة الوطنية للمرأة