حوافي العاصمة عدن وروحانية الشهر الفضيل
جميلة هي العاصمة عدن، وفاتنة عشق جمعت المكان والزمان، يزداد بريق جمالها نوراً كلما أضاء الفرح حوافيها وأزقة شوارعها، ويخفت نور الجمال فيها قليلا إن توعكت لكنه لاينطفئ. هلّا علينا هلال الشهر الفضيل هذا العام، ورغم الألم والمعاناة، استقبل أبناء العاصمة عدن خاصة والجنوب عموماً هذا الضيف السنوي الكريم الفضيل بقلوب فرحة طيبة، تجلت عظمة الروحانية في حوافيها وأزقة ممراتها وشعبية شوارعها المضيئة بالزينة والفوانيس المتعددة الأشكال والألوان، التي تبعث على البهجة والفرح، وفي تراحيب أطفالها وطقوس مساجدها ولمات شبابها وفتيانها حول موائدها صنعة مطابخ بيوتها العدنية التي تحوي كل ما لذ وطاب. ورغم ضنك العيش والظروف المعيشية الصعبة التي تواجه غالبية الأسر في العاصمة عدن، لم تتخلَ تلك العائلات أبداً عن مظاهرها الاجتماعية وعاداتها الروحانية التراثية القديمة، التي عرفت بها في استقبال المناسبات الدينية، والتي تنطلق من القيم الأخلاقيّة والأعراف الحميدة والمفاهيم الدينيّة الصحيحة المتأصلة في المجتمع المدني العدني المحافظ والمعروف بالتراحم والتكافل بين أفراده. ومع بعض التغيرات التي طرأت على مظاهر الاحتفاء بشهر الصيام في العقود الأخيرة، تبقى نكهة الشهر الفضيل في العاصمة عدن نكهة خاصة لا تختلف باختلاف المكان ولا تتغير بتغير الزمان، ليس فقط لما يتميز به الشهر من نفحات روحانية، بل لأن رمضان يعني التلاحم والتواصل، وامتداداً للعادات والتقاليد الأصيلة التي نحرص عليها وما زلنا نتمسك بها عموماً في الجنوب. في الأخير، تبقى هذه العادات الروحانية سلسلة مترابطة تتناقل حلقاتها من جيل لآخر، وقد يصاحب تناقلها بعض التغيرات بالزيادة أو النقصان، بما يتفق مع ظروف وقيم كل جيل، لكنها تبقى سلوكاً اجتماعياً مميزاً يعزز أواصر الترابط والتراحم، ويمنح الروح السكينة والاطمئنان.