14 أكتوبر . . . الحدث والذكرى

ككل عام تهل علينا ذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر الخالدة وتكاد هذه الذكرى أن تتوارى بين آلاف الانشغالات والعذابات التي يعاني منها الوطن والمواطن ويكتوي بنيرانها السواد الأعظم من الشعب الذي مارس حقه ذات يوم في البهجة والسعادة والرخاء الذي أثمرته ثورة أوكتوبر. لم يكن اندلاع ثورة الرابع عشر من أكتوبر نزوةً لحظية ولا عملاً طائشاً ولا رغبة ذاتي لثلة من الشباب الأبطال الذي رغبوا في طرد الاستعمار، بل لقد كانت حتمية تاريخة اقتضتها قانونيات التطور الاجتماعي وصيرورة التاريخ الصارمة التي لا تعرف التوقف والركود. وبغض النظر عن المنعرجات والمنعطفات التي مرت بها الثورة وما رافقها من هفوات ونواقص فإن الثورة ظلت ذلك الحدث الاستثنائي الذي لم تشهد له الساحة مثيلا على مدى قرون وستبقى ذكراه خالدة في سفر التاريخ الجنوبي الخالد. فئتان فقط ستتذكران هذا الحدث العظيم الذي دخل التاريخ ولن يخرج من سجله الخالد، الفئة الأولى هي السواد الأعظم من أبناء الشعب الجنوبي بما فيهم ثور أوكتوبر الأبطال، الذين كانت الثورة بالنسبة لهم هي الهوية والانتماء والكرامة والحرية والعيش الكريم الوفير والآمن، وبالملموس هي المدرسة التي يعلمون فيها أبناءهم وبناتهم مجاناً من الروضة إلى الجامعة والمستشفى الذي يتلقون فيه الرعاية والعلاج والدواء وكافة مسلتزمات التطبيب المجاني، والأمن والأمان والقضاء والقانون ومؤسسة الحكم الحاضرة من المدينة إلى أقصى نقطة في الأرياف، وغيرها من المعاني التي لم يكونوا ليعرفوها لولا هذه الثورة. والفئة الثانية هي أولائك الذين سيحتفلون بالمناسبة وسيتغنون بها ويمتدحونها بالخطب الرنانة والقصائد العصماء لكنهم قد أمعنوا في محالاوت وأد هذه الثورة وسحق ذكرياتها من وعي وثقافة المجتمع الجنوبي من خلال تدمير منجزاتها والإمعان في إهانة الثوار والمناضلين وكافة المواطنين الذيين التفوا ذات يوم حول الثورة وذادوا عنها، والاستمتاع بتزييف التاريخ بل وسيدعون أنهكم هم الأوصياء على هذه الثورة، وسيتبادلون برقيات التهاني فيما بينهم بحدث لا يربطهم به إلا رابط الكراهية والحقد والانتقام. لن نتوقف مطولا في جرد وإحصاء منجزات ومكاسب ثورة الرابع عشر من أكتوبر، فقد يأتي مقام آخر لهذه المهمة لكن ما يقتضيه المقام هنا هو التوجه بالتحية والإجلال والإكبار لأبطال هذه الثورة المجيدة الذي سجلو ببطولاتهم وإبائهم واستبسالهم تلك الصفحة الناصعة من تاريخ الجنوب، وفتحوا بذلك بوابات التاريخ على آفاق المستقبل، وبفضل كفاحهم عرف الجنوب لأول مرة دولة واحدة موحدة تمتد من أقصى نقطة في صرفيت بمحافظة المهرة إلى سوقطره وباب المندب وميون وحنيش في البحر الأحمر. ونخص بالتحية من تبقى من ثوار أكتوبر الأماجد ممن أسدلت السلطات على أسمائهم صفحات التاريخ وتجاهلتهم غيرةً من التعرض لرجولتهم وبسالتهم وأمجادهم، ونعتذر لهم لعجزنا عن تقديم التكريم اللائق بهم لأن مسؤولينا ليس لديهم الوقت الكافي للسؤال عنهم ولا يسمحون بتسخير جزء من الأموال التي ينهبونها لعلاج عللهم وتطبيبب الامهم. سيظل الحدث هو الأنصع والأكثر إشراقا في تاريخ الجنوب، وستبقى الذكرى خالدةً في سفر التاريخ، وإن تناسى المتسلطون تاريخ الأمجاد فإن للشعوب ذاكرة لا تنسى حتى أدق التفاصيل. لأكتوبر العزة ولشهدائه الخلود ولمناضليه المجد والسؤدد وفائق التقدير والاح

مقالات الكاتب