شبام..“منهاتن الصحراء“ تحت رحمة كوارث الطبيعة

عدن/ ارام

تجد مدينة شبام اليمنية التاريخية الملقبة بـ“منهاتن الصحراء“ جراء ناطحات بناياتها الطينية الشاهقة، نفسها تحت رحمة كوارث الطبيعة بعدما نجت من ويلات الحرب التي مزقت البلاد. وتقع المدينة المقامة وسط أجراف صخرية تولد مشهدا مشابها لوادي غراند كانيون الأمريكي، في وادي حضرموت في جنوب شرق أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية. وباتت شبام التي أدرجت العام 1982 على قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو باعتبارها ”أقدم مدينة ناطحة سحاب في العالم“، تحمل اليوم ندوب هذه التقلبات الجوية المدمّرة، خاصة بعد الأمطار الغزيرة التي ضربت البلاد بين شهري نيسان/أبريل وتموز/يوليو الماضيين. وقال المسؤول المحلي عبد الوهاب عبد الله بن علي جابر لوكالة فرانس برس: ”تبدو المدينة التاريخية (شبام) وكأنها قد ضربت بما يشبه الكارثة غير المسبوقة“. وتحدّث المسؤول عن انهيار ما لا يقل عن أربعة أبنية متعدّدة الطوابق بالكامل، وتضرّر خمسة عشر منزلا آخر في هذا الموقع التاريخي. 0وتقع المدينة على مجموعة تلال صخرية، وهي محمية بسور مستطيل يبلغ طوله 330 مترا وعرضه 250 مترا، وتقطنها مجموعات كبيرة من السكان ولا تفصل بين مبانيها المؤلفة من سبعة إلى ثمانية طوابق سوى أزقة ضيقة. محاولة ترميم وقال حسن عيديد مدير المؤسسة العامة للحفاظ على المدن التاريخية في اليمن: ”تضررت الأسطح والواجهات أكثر من غيرها.. من أجل حماية الأبراج الطينية، يجب إعادة طلاء الواجهات بشكل دوري، لكن السكان لم يتمكنوا من القيام بذلك بسبب نقص الموارد، والحرب“. وتسببت الحرب بين الحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، بتدمير الاقتصاد وقطاعات أخرى بينها الصحة والتربية منذ العام 2014، وبأسوأ أزمة إنسانية في العالم. وتقع المدينة الخاضعة لسيطرة الحكومة على حافة وادي حضرموت المعرّض للفيضانات، وقد ظلت بعيدة عن الصراع وآثاره المباشرة لكنها عانت من تبعاته غير المباشرة وبينها الفقر والفوضى. وقد أدرجت اليونسكو المدينة العام 2015 على قائمة التراث المهدد بالخطر. وقال عيديد إن برنامج المحافظة على المدن القديمة يحاول مع ذلك إطلاق عملية ترميم 40 منزلا بمساعدة اليونسكو بمبلغ يعادل 194 ألف دولار. مهد الحضارات وعرض رجل أعمال سعودي ثري متحدر من حضرموت ما يعادل 54 ألف دولار لإصلاح الأضرار التي سبّبتها الأمطار الأخيرة، بحسب مسؤولين محليين. لكن باراك باسويتين الذي يرئس جمعية متخصصة في ترميم المباني الطينية، لفت إلى أن هذه الأموال لم تستخدم بعد. وقال باسويتين: ”العمل بطيء لأننا واجهنا عقبات معينة مثل: نقص الايدي العاملة المتخصصة، وتأخر دفع الأجور خلال العملية التي يشرف عليها صندوق التنمية الاجتماعية في حضرموت وهو هيئة حكومية“. وتعتبر شبام واحدة من المدن التاريخية العديدة التي تقف شاهدا حيا على العمارة الطينية لوادي حضرموت الذي كان مهد العديد من الحضارات القديمة. فمدينة سيئون بقصرها الأبيض الكبير الذي يُعتبر من أفخم المباني الطينية في شبه الجزيرة العربية، تقع على بُعد عشرين كيلومترا فقط من شبام. وقد تضرر المبنى الأبيض في سيئون بسبب الأمطار، وناشد المسؤولون المحليون المساعدة في ترميمه. أمّا مدينة تريم على بعد 55 كيلومترا من شبام، فتشتهر بأنها تضم 365 مسجدا بما في ذلك مسجد المحضار، وتتوسطها مئذنة من الطين يبلغ ارتفاعها 46 مترا وهي الأعلى في اليمن.