هل تشهد العلاقات الأمريكية الصينية تحولات واسعة؟

شبوة اليوم /متابعات

انخرط المسؤولون في كلٍّ من الولايات المتحدة الأمريكية والصين، في محادثات ثنائية على مستويات مختلفة في الفترة الأخيرة، كان آخرها القمة التي جمعت الرئيس جو بايدن ونظيره شي جينبينغ، في سان فرانسيسكو، تعبيراً عن «كسر الجمود» فيما يتعلق بالعلاقة بين البلدين، والمضي قدماً نحو «إذابة الجليد». بعثت المحادثات الأخيرة بعدد من الرسائل الإيجابية، المرتبطة باهتمام أكبر اقتصادين في العالم بتحقيق الاستقرار على مستوى العلاقات الثنائية، غير أن الكثير من العمل على أرض الواقع لا يزال مطلوباً لترجمة بعض التفاهمات، وفي ظل التصعيد الواسع والملفات الشائكة التي تغلف العلاقات بين واشنطن وبكين، لا سيما الملفات التجارية، منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب بشكل خاص. وبينما لا يعتقد مراقبون بأنه يمكن الرهان على تحولات واسعة في طبيعة العلاقات، غير أنهم يرون في الوقت نفسه أن المحادثات الأخيرة تعكس الحرص على «التهدئة» بعد الخطابات التصعيدية الأخيرة وما فرضته من سيناريوهات مختلفة عززت المخاوف العالمية. معركة انتخابية جاءت القمة الأخيرة قبل معركة انتخابية منتظرة في الولايات المتحدة الأمريكية العام المقبل، بينما يعد ملف العلاقة مع الصين في الغالب من بين الملفات التي يتم توظيفها من جانب مرشحي الحزبين خلال حملات الدعاية الانتخابية الخاصة بهم. لكن على الجانب الآخر فإن مراقبين يعتقدون بأنه لا يوجد تأثير جذري في السياق العام للعلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، في وقت تضع فيه استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الصين كـ«أكبر التحديات الاستراتيجية» التي تواجه واشنطن، وهو ما يحدد طبيعة تعاطي الإدارات الأمريكية -الديمقراطية والجمهورية على حد سواء- مع الملفات المرتبطة ببكين، مع اختلاف السياسات والأدوات وسياسة العصا والجزرة. يقول الخبير في الشؤون الآسيوية، جلال رحيم، في تصريحات خاصة لـ «البيان» إنه لا توجد فوارق كبيرة بين الحزبين في الولايات المتحدة الأمريكية لجهة الموقف من الصين، وبالتالي «لا يهم إذا كان رئيساً جمهورياً أو ديمقراطياً» فالمسألة الأساسية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعوامل الجيواستراتيجية بين البلدين والتنسيق بينهما. حرب تجارية ويضيف: «الدليل على ذلك أن الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، هو من بدأ الحرب التجارية على الصين، عندما فرض أداءات جمركية على البضائع التي تدخل السوق الأمريكية بما وصلت قيمته إلى أكثر من 370 مليار دولار (بين عامي 2018 و2020)، وعندما جاء بعده الديمقراطي جو بايدن، كان المحللون يعتقدون بأنه سوف يغير منذ هذه الأداءات، لكن بايدن في -بينما هو الآن في نهاية عهدته الأولى- لم يغير شيئاً، بل إنه عمق الأزمة بين البلدين، وأضاف الحصار الأخير المرتبط بتصدير الرقائق الإلكترونية (أشباه الموصلات) للأسواق الصينية. على جانب آخر، ووفق خبير العلاقات الدولية، رضوان قاسم، فإن «الأمور (العلاقات بين البلدين) ذاهبة إلى التهدئة أكثر من التصعيد»، لكن لا يُعول على حدوث متغيرات أو تحولات كبيرة، في ظل المخاوف الأمريكية المرتبطة بالصعود الصيني. ويقول في هذا السياق في تصريحات خاصة لـ«البيان» إن بكين كانت تذهب تدريجياً في الصعود والهيمنة الاقتصادية بطريقة «السلحفاة» أو التقدم ببطء، على عكس واشنطن التي تستعجل الوصول لأهدافها بشكل أسرع، وتستخدم في ذلك عديداً من أدوات هيمنتها الاقتصادية مثل العقوبات الاقتصادية وغيرها، بينما أدركت أخيراً أن تلك القوة لم تعد تجدي نفعاً. وعليه أصبح وصول الصين لأهدافها أسرع بكثير مما كانت تظنه واشنطن -في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم- ولا سيما وأن الأساليب تغيرت وأصبحت لدى كثير من دول العالم قدرة على المواجهة (يُستدل بنمو تجمعات إقليمية مختلف، مثل مجموعة بريكس)، وعليه فإن واشنطن ومع فشل أدوات الضغط التي تمتلكها بما في ذلك التهديد بالقوة وفرض العقوبات، تلجأ إلى الدبلوماسية والتهدئة أكثر منه إلى التصعيد.