سهولة ممارسة العهر الإعلامي

لا يحتاج المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الدفاع عن نفسه، فهو الكيان السياسي الذي يستظل تحت رايته مختلف المكونات السياسية المؤمنة باستعادة دولة الجنوب وبكامل إرادتها. ولأن الانتقالي حقق ما لم يحققه حزب سياسي عريق في بلادنا من نجاحات، رغم حداثة عمره الذي لا يتعدى سبع سنوات؛ فإنه من الطبيعي أن يواجه الكثير من أشكال وأحجام المؤامرات الخارجية والداخلية التي ما فتأت تحاك بليل للنيل منه وبكل الطرق الدنيئة وكانت آخرها هذا الفيلم المقزز الذي بثته قناة الاستخبارات البريطانية (BBC) كمذيعته المقززة التي حاولت أن تتلبس شخصية (كونان) المحقق الذي تابعناه وتابعنا طريقته الكوميدية والساخرة في التحقيق. لكن (المقحفية)!! فشلت في تحقيق غايتها كما كان كونان المحقق الياباني الصادق، ذلك لأنها إعلامية شحاتة، أي أنها لا تعمل إلا بمقابل مالي كبير وبالعملة الصعبة؛ فهي من جيل الإعلاميين الشباب الذين يحلمون بالطيران سريعاً قبل أن تنمو اجنحتهم، فيسقطون على رؤوسهم، فسقطت هي في ميدان العهر الإعلامي الراهن الذي أصبح اللعب فيه على المكشوف والدفع المسبق، كالعهر السياسي الذي يُمارَس اليوم على جنوبنا وعلى قضيتنا ويستخدم الإعلام الرخيص لتسويق الزيف والبهتان. من يشاهد الفيلم (الهزيل) يدرك على الفور بأنه لعبة من ألاعيب هؤلاء الساقطين في العهر السياسي والذين يعتقدون أنهم بتشويه المجلس الانتقالي من خلال قائده ورئيسه ورمزه، سيتمكنون من التأثير على المشاهدين البسطاء في الجنوب وسيدفع إلى استفزازهم وحضهم على التظاهر ضده، لكن، جاءت النتيجة عكس ذلك؛ فمعظم المشاهدين ومن البسطاء والفقراء، بالذات، من أبناء الجنوب الذين تطحنهم اليوم رحى الحكومة، سخروا من الفيلم وادعاءاته، وأقسم لكم بمن خلق الكون، أنني تابعت، خلال اليومين الماضيين، قبل كتابة هذه السطور، آراء الكثير من الناس وكانت وسيلة المواصلات العامة، وهذه عادتي، لأنني لا أملك سيارة، هي مصدري الأول في التعرف على آراء الناس وهم مصدر إلهامي وكتاباتي منذ عرفت امتشاق القلم، منذ خمسين عاماً، والله إن الناس سخرت من الفيلم المليء بالسقوط الأخلاقي لمهنة الإعلام التي تعتبر رسالتها من رسالات الشرفاء والنبلاء؛ فالرسالة الإعلامية نبيلة تربي وتعلّم، ترفع وتسمو بالأخلاق والذوق الجمعيين وتبني وتعمر. لكن من أنتج ودفع الملايين لهذه المسخرة ومن شارك في الإعداد والتقديم والتصوير، سقطوا في الوحل ولم يحققوا سوى اللعنات التي تلاحقهم.