عن التغيير الوزاري القادم
من الطبيعي لن يلبي التغيير الوزاري رغبات البعض الذين يستهدفون التغيير من أجل التغيير فحسب، دون النظر لنتائجه بالنسبة للصالح العام، وكذلك البعض الآخر الذين لهم رأي خاص حول الوزراء والباقين في مناصبهم أو من تم تعينهم لأول مرة في الوزارة، ولكن الذي يجب أن ندركه بأمانة وصدق هو أن ضمان تواصل التقيد بالمواصفات الشخصية المطلوب توفرها فيمن يشغل المنصب الوزاري من حيث الكفاءة (المؤهل العلمي) والخبرات العملية لكون مثل هذا الشرط أمراً ضرورياً بالنسبة للوزارات السيادية وبعض الوزارات الخدمية، أن هذا لا يعني أبدية الاستمرار في المنصب للوزراء الذين يتولون هذه الوزارات، وهو الأمر الذي تشترط الوظيفة العامة للدولة توفره، مراعاة منّا أن نؤكده هنا أكثر من مرة في كتاباتنا السابقة لكون التغيير يمكن أن يصيب أي وزير في أي وقت في حالة مخالفته لمقومات اختياره. كما أن هناك ظاهرة خطيرة نلاحظها مع كل تعديل وزاري وهي أن بعض الوزراء يعتقدون أن كرسي الوزارة يصبح ملكاً لهم بمجرد جلوسهم عليه، وأن منصب الزير هو منصب أبدي (محتكراً) عليه. يعتبرون الوزارة مقاطعة مستقلة لا علاقة لها بالجهات الحكومية الأخرى، ومن حق الوزير اتخاذ ما يراه من إجراءات وقرارات دون التنسيق مع الوزارات المختلفة أو الرجوع إلى السلطات العليا أو الالتزام السياسة العامة للدولة، وأن أول واجبات الوزير الجديد هي محو آثار الوزير السابق وإلغاء كل أعماله، وشطب جميع خططه ومشروعاته، إذا أمكنه ذلك. إن أي تغيير وزاري يعتبر الهدف منه هو ضخ دماء جديدة في شرايين العمل الوطني ومواقع المسؤولية لتحقيق المزيد من الإنجاز وحسن الأداء وفقاً للمصلحة العامة شريطة أن لا يكون التغيير لمجرد التغيير، ولا ينبغي أن يكون لمجرد كسب شعبية جماهيرية جوفاء أو إرضاء لجهة أو فصيل من فصائل المعارضة، أو غيرها أو للرد على شائعات مغرضة يطلقها هنا أو هناك الراغبون في كراسي الوزارة وما أكثرهم!. لا اعتراض لنا على أن تمكث وزارة واحدة في الحكم 5 سنوات أو أكثر، وكل ما هو مطلوب أن تغيّر الوزارة الوجوه لأن الناس تتعب من الوجه الواحد المفروض علينا بدون تغير أو تبديل ولا تحويل ولا إضافة ولا حذف. إن الكثير من الناس يرون أن التغيير ضروري في الوجوه القديمة التي تولت المناصب الوزارية لفترة طويلة ملّها الناس، كما هو حاصل للوزراء الحاليين الذين لهم فترة طويلة في تلك المناصب الوزارية بدون عمل، آخذين راحة في فنادق خمسة نجوم في الرياض والقاهرة على أن يراعي في الحكومة الجديدة القادمة الاختيار المناسب السليم من حيث الكفاءة (المؤهلات العلمية والخبرات العملية) وتوافر السمعة الطيبة وطهارة اليد والشفافية لدى جميع المرشحين لتولي المناصب الوزارية الجديدة. المفروض في كل من يحظى بالترشيح لأي منصب كبر أو صغر بأن تتوفر فيه هذه الصفات المشار إليها سالف الذكر لأن الناس تتمنى تغييراً وزارياً يستريح له الحاكم والمحكوم.. نحن بحاجة إلى التجديد وإلى الاستعانة بعقليات جديده تتوافق مع العصر الذي نعيش فيه، إن الناس سئمت من تلك الوجوه وعندما نطالب بتغييرها، فالتغيير هو سنة الحياة، كما إن التغيير هو رغبة الشعوب، والتغيير يعني اكتشاف عناصر جديده ومواهب متميزة وإتاحة الفرصة لإثبات كفاءتها في مراكز القيادة.. والتغيير يعني إضافة كفاءات قادرة على البذل والعطاء وضخ دماء جديدة في شرايين مجلس الوزراء أو الجهاز الحكومي، وليعلم من لا يعلم أننا عندما نطالب بهذا الشيء هو مراعاة منا لمطالب الشعب واستجابة لنبض الجماهير، واحتياجات الانطلاق نحو المستقبل، وليكن معلوماً أن التغيير ليس هدفاً في حد ذاته، وإنما هو وسيله لدفع جهود التقدم نحو الرخاء والازدهار وتحقيق طموحات الشعب في حياة كريمة نعوض عن ما فات علينا من سنوات عديمة الفائدة متعبة. كما نطالب من التغيير الجديد، إذا حدث تغيراً حسبما نسمع، فإننا نطالب أن يكون الوزير المختار "مفكراً" يعطي ويبتكر ويطور مهام أعمال الوزارة إلى الأفضل لا أن يكون (منفذاً) يتلقى ذلك لأنه في مثل هذه الحالة، وأياً ما كان حجم إنجازه لا يعدو أن يكون أبداً طاقة جديدة تولد الحرارة، وفيما أظن، هذا هو الفارق الجوهري بين الوزير السياسي الذي تُقنا إليه طويلاً، وبين الوزير التنفيذي الذي صبرنا عليه كثيراً.