هذا هو ما حذرنا منه؟
كنت قد قلت في منشورٍ سابق أن تكليف معين عبد الملك لرئاسة خلية الأزمة للبحث في حل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد يشبه تكليف طبيب مصاب بمرض معدي قاتل لمعالجة مرضى الحميات والنزلات الموسمية. ولم يمضِ أسبوعٌ حتى تصرف الطبيب المريض لنقل عدوى إصابته إلى سائر أفراد المجتمع. لقد اتخذت الحكومة قرارها الأحمق برفع سعر الدولار الجمركي بواقع ٥٠% ما سيعني أن كل السلع المستوردة، وحتى غير المستوردة (ومعظم ما نستهلكه مستورد) ستشهد ارتفاعاً في أسعارها فوق الأسعار المرتفعة أصلاً والتي بسبب ارتفاع اسعارها أصبح معها غالبية الشعب يحذف من قائمة استهلاكه الكثير من السلع الضرورية، وبالتالي فالحصيلة لهذه السياسات الخرقاء هي ارتفاع اعداد ضحايا المجاعة والإفقار وفقر الدم وسوء التغذية. في كل دول العالم التي تمر بنصف أو حتى ربع الأزمة التي تمر بها بلادنا، وتشكل فيها خلايا أزمة يكون أول إجراء تنخذه هذه الخلية كشف المتسببين في الازمة،سواء بفشلهم وسوء ادائهم لوظائفهم او لانغماسهم في موبقات الفساد والعبث بالمال العام، ثم رسم خطة تقشفية لخفض النفقات إلى حدها الأدنى ورفع الإيرادات إلى أعلى حد ممكن. وبمناسبة الحديث عن رفع الإيرادات فإن الأمر هنا يتعلق بتحسين عائدات الموارد الطبيعية والاستثمارية، كالزراعة، الاسماك، الثروات المعدنية، الإنتاج الصناعي والسياحة وغيرها من الموارد التي ترفع معدل الدخل الوطني ولا تشكل أعباءً إضافية على كاهل المواطنين. لكن صاحبنا وحكومته المشلولة لا يمتلكون المؤهل الذي يجعلهم يرسمون سياسات انقاذية فاختاروا الحائط المنخفض سهل التسلق والقفز عليه وهو المواطن. معين عبد الملك وحكومته تصرفوا كالطبيب الأحمق الذي جاءه مريضٌ على وشك الموت فاعطاه الجرعة القاتلة التي تضمن أن لا يبيت إلا في المقبرة، وهذا ما حذرنا منه. لا أحد يطلب من مجلس القيادة الرئاسي معجزة، المطلوب فقط هو إقالة رئيس الحكومة وحكومته وإحالتهم جميعا للتحقيق، والقبض على من تثبت إدانته بجرائم الفساد أو التخاذل في أداء مهماته أو التخادم مع الجماعة الحوثية وتقديمهم للمحاكمة العاجلة، وليس تكليف الفاشلين بمعالجة أسباب الفشل.