نحن بحاجة إلى دولة مؤسسات.
العالم بكل دوله يدير شعوبه بطريقة المؤسسات، فلا توجد دولة في العالم نظام حكمها هشاً وضعيفاً وعشوائياً ولو كانت لاتتجاوز مساحتها الكيلومترات وعدد سكانها بالمئات، فالبناء المؤسسي والعمل به من أهم ركائز الدولة ومن أهم وسائل استمرارها وبقائها، وأي دولة يكون بنيانها ضعيفاً وعشوائياً تنهار وتتساقط. وبلادنا من الدول التي تمتاز بعشوائيتها وضعفها في أساسها، فهي تعمل بطريقة عشوائية وعفوية ولايوجد أي مَعْلم من معالم الدولة المؤسسية، نظامنا منذ قيام الثورة يعمل بأنظمة مختلف ومتنوعة، منها القبيلة والمشيخة والوساطة والمعرفة والمحسوبية والرشوة والعشوائية والعفوية، هذه أنظمة دولتنا. لاتوجد أي معايير لقيام دولة حديثة متطورة، ولا يوجد أي أساس لها فهي عشوائية بأمتياز بكل قراراتها ومؤسساتها، لاحظ معي مؤسسة الجيش كيف كانت أيام عفاش؟ وكيف تلاشت وأنتهت؟ وأيضاً رغم أننا دولة غنية بثرواتها ومنتجاتها الزراعية والصناعية والمعدنية، لكن كيف حال أقتصادنا. تأملوا معي أيضاً حال مواظفينا في المؤسسات والمكاتب وصلوا إلى مناصبهم عن طريق المحسوبية والوساطة والقرابة، لاتوجد وزارة أو أي مؤسسة حكومية تملك الكوادر ذات الكفاءة والمؤهلة والماهرة، معظمهم يتولون المناصب عن طريق الوساطة بعيدا عن أي معيار آخر، سواء في القضاء أو في الجيش أو في أي مؤسسة، تجدهم لا يمتلكون حتى المؤهلات والكفاءات الدونية. وهذا هو السر في تأخرنا وتخلفنا، وهو السر في الفقر والجهل وانعدام الخدمات، هذا هو السر في التدهور الإقتصادي والإداري، وزير يصدر في المساء قرار للبنوك بإلغاء التعامل مع المنظمات والمؤسسات وتجميد أرصدتها، وفي الصباح يستثني من يحب ومن هم متعاونين معه، مسؤول في رأس هرم الدولة قراره لايتعدى عتبة مكتبه. المهم والأهم من ذلك لايمكن أن نرتقي ونتطور إلا بدولة مؤسسات تحمي المواطن وتصون قرارها وتحافظ على سيادتها، ولنعلم أنه باستمرار الوساطة والعشوائية لن تقوم لنا قائمة ولاننتظر إلا حرباً مطولة وأقتصاداً محطماً ودولةً ضعيفةً وخدمات منعدمة.