كريستيانو ينقصه الإسلام.

منذُ البارحة ما ذاقتْ عيني النوم، حاولتُ أن يكون رحيل كريستيانو غير مأسوفٍ عليه، لكن عظيماً مثله يصعب خلعه من القلب، يمكنني نسيان الجميع، إلّا كريستيانو فهو الذاكرة بحد ذاتها.. صاروخ ماديرا الذي صال وجال وأطرب الكوكب، كريستيانو الهلع الذي أفزع طمأنينة الطامحين إلى النجومية، لم يكن خليفة لأحد، هو نسخة فريدة في عالم المستديرة، حتّى في عالم استنساخ البشر - لا يمكن تدوير جينات وراثية تحمل مهاراته، إنّهُ الرعب الذي يأتِ على هيئةِ رجلٍ طويل قوي البُنية، كم هتف الجماهير يصدحون باسمه، وكم صافحتْ ركلاته شباك المرمى..!! سيجتمع المصورون كلهم ولكن لن يلتقطوا بكامراتهم نجماً مثله، سيُعلّق المعلقون ولن تسعفهم اللغة في غيره، سيقف الجماهير في المدرجات ولن يشعروا بالثقة في غيابه، سيلعب المحترفون ولن يجدوا خصماً مُشرّفاً يليق، الدون أجمل المراوغين، وأفضع من يضرب الركلات الحرة، وأرهب من يشعر الحرّاس به أثناء ضربات الجزاء، وأطول من يقتحم أسوار الدفاع، وأقصى من يصل للفضاء وهو يلتقط رأسية طائرة في السماء، أرقى من يبلغ رقماً قياسياً في الإرتقاء، وأذهل من يسدد مقصية ناجحة.. آه يا دون، غادرتَ فأغلق التاريخ دفتيه، اختتمتَ المسيرة الكروية، لم يتبقَ مجال لإدراج آخر بين الصفحات، كل شيء حزين على اعتزالك، حتى الكُتّاب على مَن سيكتبون من بعدك؟! كريستيانو، أنت كل شيء، حتّى خصومك يدركون أنّكَ الرقم واحد، مهما اختلفنا معك، أنت لستَ مارادونا، ولا بيليه، ولا رونالدينيو، ولا ليونيل ميسي، أنت كريستيانو وهم الأربعة صورة مستنسخة مصغرّة مقلوبة معكوسة لك، ليس مبالغة، فأنت إنسان قبل أن تصبح لاعب.. كريستيانو الذي يحترم الأديان، اللغات، العادات، والمجتمعات، هل شاهدتموه يحتقر لاعب أسود؟ هل شاهدتموه يسب لشخص هاجمه؟ هل شاهدتموه يدعم قضية تتنافى مع الفطرة؟ هل شاهدتموه ينتقد تقاليد قوم؟ - أبداً.. - حسناً، هل شاهدتموه يكره الإسلام؟ هل سمعتموه يقول أنّهُ لن يشعر بالفخر في حال شجّعه العرب والمسلمون؟ - أبداً.. أكاد أجزم أنّهُ الأوروبي الوحيد الذي لا يكره المسلمين والعرب، وكُره الفيفا له خير شاهد، فكريستيانو كثيراً يدعم القضية الفلسطينية ويتبرع للأطفال في غزة، وللمتضررين والمحتاجين في شتى العالم.. أنا أحبك يا رونالدو إلى الأبد... وسأظل أحبه وحدي حتّى لو تخلّى عنه الثمانية مليار نسمة.. كريستيانو جميل، فقط ينقصه الإسلام ليكون عظيم العصر..