اقتصاد وتكنولوجيا
عمالقة التكنولوجيا تزيد الإنفاق على الذكاء الاصطناعي إلى 100 مليار دولار
شركات التكنولوجيا الكبرى تصر على زيادة الإنفاق على الذكاء الاصطناعي رغم شكوك «وول ستريت» رغم الشكوك المتزايدة في «وول ستريت» حول عوائد الاستثمارات المتزايدة في الذكاء الاصطناعي، إلا أن شركات التكنولوجيا العملاقة زادت نفقاتها الرأسمالية بنسبة 50%، لتتجاوز 100 مليار دولار، في تسابق على تطوير البنية التحتية اللازمة لهذه التقنية الحديثة. وفي أحدث تقرير للأرباح الفصلية، كشفت «مايكروسوفت» و«ألفابت» و«أمازون» و«ميتا» عن زيادات هائلة في الإنفاق بلغت 106 مليارات دولار، خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024. كما تجاهل قادتها توتر سوق الأسهم من هذا الإنفاق المتزايد، وتعهدوا أيضاً بزيادة الاستثمار خلال الأشهر الثمانية عشر المقبلة. وخلال هذا الأسبوع قال مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا «أحبذ في هذه المرحلة المخاطرة ببناء القدرات قبل الحاجة إليها، وليس بعد فوات الأوان»، متوقعاً أن يصل الإنفاق الرأسمالي للشركة الأم لفيسبوك إلى 40 مليار دولار هذا العام. وبحسب التوقعات الجماعية، فإن استثمارات عمالقة التكنولوجيا في الذكاء الاصطناعي قد تزيد بأكثر من الضعف بحلول نهاية العام. ويتوقع المحللون لدى مجموعة «ديل أورو» حالياً أنه يتم توجيه نحو تريليون دولار للبنية الأساسية، مثل مراكز البيانات، خلال 5 سنوات، رغم أن الشركات فشلت حتى الآن في إقناع المستثمرين بأن عملاءها مستعدون لإنفاق مبالغ ضخمة على منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي. وذكر جيم تيرني، رئيس وحدة استراتيجية النمو في الولايات المتحدة لدى شركة أليانس بيرنشتاين، أن «فرق إدارة التكنولوجيا تخاطر بإنفاقها.. ولا يزال المستثمرون غير واضحين بشأن نماذج الأعمال والمردود، ومن شأن ذلك أن يخلق أجواء مقولة: «امنحنا ثقتك»، التي لا تبعث على الارتياح بتاتاً، بالنظر إلى حجم الإنفاق الإجمالي». وتزامنت أحدث جولة من تقارير أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى مع انخفاض عام في معنويات وول ستريت، حيث انخفض مؤشر ناسداك إلى منطقة التصحيح يوم الجمعة الماضي بسبب ضعف بيانات الوظائف الأمريكية. وكانت أسهم شركات أشباه الموصلات، مثل «إنفيديا» الرائدة في صناعة رقائق الذكاء الاصطناعي، شديدة التقلب خلال الأسبوع، حيث أولى المستثمرون اهتماماً أكبر لتصريحات شركات التكنولوجيا الكبرى المتعلقة بخطط الإنفاق. وعلى مدار 3 جلسات متتالية، تأرجحت مكاسب وخسائر «إنفيديا» بنحو 200 مليار دولار، بينما شركة إنتل، التي لم تخصص بعد حصة كبيرة من الإنفاق على بنية الذكاء الاصطناعي بسبب افتقارها إلى المنتجات التنافسية، خسرت أكثر من ربع قيمتها يوم الجمعة بعد الإعلان عن خفض هائل في الوظائف. ورغم عمليات بيع أسهم «غوغل» و«مايكروسوفت» و«أمازون» فور إعلان تقارير الأرباح، لم يقدم المسؤولون التنفيذيون في عمالقة التكنولوجيا أي اعتذار عن فورة الإنفاق. وقدر زوكربيرغ أن قوة الحوسبة المطلوبة لتدريب نموذج اللغة الكبير التالي ستكون «أكبر بنحو 10 مرات» من الإصدار السابق، حتى مع الاعتراف بأن الأمر سيستغرق «سنوات» قبل أن تحقق بعض ميزات الذكاء الاصطناعي، مثل روبوت الدردشة «ميتا إيه آي»، أي إيرادات «بمفردها». وقال الرئيس التنفيذي لشركة غوغل، سوندار بيتشاي: «عندما تمر بمراحل انتقالية مماثلة في قطاع التكنولوجيا، فإن خطر قلة الاستثمار، في الذكاء الاصطناعي، يفوق بكثير خطر الإفراط في الاستثمار». وبعد إعلان شركة ألفابت، الشركة الأم لغوغل، الأسبوع الماضي عن زيادة بنسبة 90% في الإنفاق الرأسمالي إلى 25 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2024، ردت «مايكروسوفت» بزيادة بنسبة 78% إلى 33 مليار دولار. وكشفت شركة أمازون عن زيادة الاستثمار في العقارات والمعدات، بما في ذلك شبكتها الواسعة للتجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية، بنسبة 27% إلى 32.5 مليار دولار في النصف الأول من العام. وفي بيان لاحق، أشارت «أمازون» إلى توقعاتها «بزيادة كبيرة» في إجمالي الإنفاق الرأسمالي لعام 2024، حيث قال المدير المالي براين أولسافسكي إن أغلب الإنفاق سيوجه نحو البنية التحتية السحابية الجديدة، مضيفاً إن الذكاء الاصطناعي التوليدي بات الآن «عملاً تجارياً يدر مليارات الدولارات» للشركة. ومع ذلك، انخفضت أسهم أمازون بنسبة 8.8% في ظل الهبوط الواسع في السوق وبوادر ضعف أعمالها الموجهة للمستهلكين. واستشهد المسؤولون التنفيذيون في «غوغل» بإيرادات الإعلانات القوية، والتي ارتفعت بنسبة 11% إلى 64.6 مليار دولار في الربع الثاني وحده، كدليل على أن الأعمال الأساسية للشركة كانت قوية بما فيه الكفاية لتحمل عبء الإنفاق. ورغم أن هذا لم يوقف انخفاض أسهم ألفابت، بدا المستثمرون في «مايكروسوفت» أكثر اطمئناناً بعد أن صرحت المديرة المالية إيمي هود بأن مراكز البيانات الخاصة بالشركة هي أصول طويلة الأجل يمكن «تسييلها على مدى 15 عاماً وما بعد ذلك». وأوضحت هود أنه إذا كان الطلب على منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي أقل من التوقعات، فقد تبطئ «مايكروسوفت» وتيرة تجهيز مراكز البيانات بأجهزة الذكاء الاصطناعي باهظة الثمن. وقالت «مايكروسوفت» إن نمو خدماتها السحابية في الربع الأخير كان يعوقه عدم توفر القدرات وليس نقص الطلب من العملاء. ويذهب جزء كبير من استثمارات شركات التكنولوجيا الكبرى إلى شراء الأراضي وبناء مراكز بيانات جديدة لأعمال الحوسبة السحابية. كما تنفق مبالغ طائلة على أجهزة، بما في ذلك مجموعات الرقائق المتخصصة، التي توفرها «إنفيديا» في الغالب، واللازمة لتدريب وتشغيل نماذج اللغة الكبيرة الداعمة برامج الدردشة. وارتفع الطلب على الخدمات السحابية مع اختبار الشركات لخدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي لأتمتة العمليات وتعزيز الإنتاجية، حتى وإن كان أغلب هذه التجارب لم يبلغ بعد مرحلة الإنتاج الكامل. وفي الوقت نفسه، تتنافس الشركات الناشئة، مثل «أوبن إيه آي» و«أنثروبيك» و«إكس إيه آي» التابعة لإيلون ماسك و«ميسترال» الفرنسية، على موارد الحوسبة النادرة لتدريب نماذج اللغة الكبيرة المتقدمة. وتأتي التقلبات في سوق الأسهم هذا الأسبوع بعد موجة صعود تاريخية. ارتفع مؤشر ناسداك 100، الذي تهيمن عليه أسهم التكنولوجيا، بنحو 70% منذ مطلع عام 2023، عندما بدأت الضجة حول الذكاء الاصطناعي في الظهور، ما جعل أبل ومايكروسوفت وإنفيديا وألفابت وأمازون من أكبر 5 شركات عامة في العالم. وقال مايكل هودل، المحلل لدى مورنينغ ستار «أعتقد أن المقارنة الطبيعية التي تتبادر إلى أذهان العديد من المستثمرين هي المقارنة بين فقاعة الاتصالات في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.. فقد انهارت أغلب الشركات التي كانت جزءاً من تلك الطفرة.. ويبدو التوسع الحالي مشابهاً في جوانب معينة، إلا أن الفارق الرئيس يتمثل في أن الشركات التي تقود التوسع لديها أعمال قائمة تدر أرباحاً طائلة وموازنات عمومية شديدة التحصين».