لم تكن سنة حلوة!

صحيفة شبوة اليوم

يومان والقلم صامتا باكيا في سوداوية الرحيل الموجع لأخينا وزميلنا وصديقنا وحبيبنا الشهيد بإذن الله الصحفي أحمد بوصالح، رحمه الله وادخله فسيح جناته. ماذا عساي أن أكتب عن الصالح، والقلب يعتصر حزنا وكمدا، وماذا تضيف الكلمات المكتوبة بدموع ودماء، وهي ترثي واحد من أنبل الناس واوفاهم؟!. كيف لصانع الخبر أن يكون الخبر الموجع بذاته؟!!. زميلنا وغالينا أبو هاني، لم يكن صحفيا بارعا، فحسب، بل تعددت مواهبه، وتفتحت ازهاره فهو إنسان بسيط بفطرته، رسام، وشاعر ذو إحساس مرهف، واجاد الكتابة بحرفية فائقة سواء السياسية منها أو الرياضية. رسم أبو صالح، مع مجموعة زملاء لم نتجاوز _ حينها_ عدد أصابع اليد الواحدة مكانة لشبوة في محراب الصحافة على امتداد مساحة الوطن اليمني، وتفرد بأسلوبه السلس، البسيط، وعباراته الجميلة التي جعلته واحد من أفضل كتاب الأعمدة الصحفية محليا. أتذكر ان شهيدنا أبو صالح، كان محسوبا على الحزب الحاكم آنذاك، لكنه مع هذا كان قلما رائعا وبارعا، ولم يخاف من توجيه عبارات الانتقاد لكل سياسة خاطئة، أو أي اعوجاج ظهر في مسار الطريق، ما سبب له كثير من الحرج أمام قادته. ذات مرة كتب على صدر صحيفة الحزب الحاكم، فرع شبوة " صحيفة شبوة" مقالا يعتبر من افضل مقالاته وسجل ماركة خاصة باسمه واسلوبه ولجرأته ايضا حمل عنوان: (سنة حلوة يا بلال)!!!. و (بلال) كان ملك (أرواح) الوظائف في شبوة، والآمر الناهي فيها، الجميع يلهث خلفه بما فيهم كبار المسؤولين، هو كان بمثابة (خط احمر)، لا يجوز الوقوف أمامه ابدا، او النظر اليه بتوجس، او بغيرة وحسد، او مجرد سؤاله عن سر امبراطوريته، وعظمته التي صنعها على حساب أبناء شبوة!. المقال كان حديث الساعة بما حمله من تهكمات، وتساؤلات، واتهامات، وبما خطه من نقد حاد لم يتعود عليه كبار القوم، واختتمه بعبارة: " سنة حلوة يا بلال"، لأنه في تلك السنة (لهط) مبلغ يدخله في موسوعة الاغنياء، وأصحابنا وكبارنا يرددون: " هنيئا على قلبك"!!!. لم يكن هذا الموقف الوحيد لأخينا وزميلنا الراحل ويكفي ما قاله عنه الزميل الصحفي الشاب صالح مقلم " كان أب حنون لنا، جمع كل صفات النقاء والحرص علينا، هو جهبذ الصحافة الشبوانية، وفارسها النبيل"!. كان بوصالح، وفيا حد الثمالة لمعلمنا وقدوتنا واستاذنا الصحفي الراحل عادل الأعسم، فمنذ رحيله لم ينساه، وما إن تأتي ذكرى رحيله حتى تجده اول المبادرين بالكتابة عنه طوال تسع سنوات، لم تشغله الدنيا عنه، ولم تقف الظروف الحياتية أمام ذاكرته، كي تمر الذكرى دون تذكير بحياة استاذنا ومواقفه، وفي كل لقاء ومناسبة لابد أن يكون أستاذنا الاعسم حاضرا في حديثه، لدرجة أنني أسأل نفسي من أين كل هذا الوفاء يا ابو هاني؟!!. أخي الحبيب أحمد بوصالح، برحيلك الموجع تزداد احزاننا وفواجعنا، في زمن يرحل فيه الطيبين، وحسبنا انك عشت بيننا طيبا ودودا مرحا متسامحا. نسأل الله العلي القدير ان يتقبلك قبولا حسن ويدخلك فسيح جناته وإنا لله وإنا اليه راجعون. #علي سالم بن يحي