إنفراجة مرتقبة واعلان الحكومة اليمنية الجديدة
صادر سياسية يمنية لـ“العرب” عن اعتزام الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إصدار قرار بتشكيل الحكومة الجديدة المنبثقة عن اتفاق الرياض خلال الثماني والأربعين ساعة القادمة. وقالت المصادر إنّ التحالف العربي أبلغ قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي المتواجدة في العاصمة السعودية الرياض بموافقة الرئيس هادي على إعلان الحكومة وتجاوز عقبة الخلافات حول الشق العسكري من اتفاق الرياض بإرجاء البتّ فيه إلى ما بعد تنفيذ الشق السياسي الذي يتضمن تشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب من 24 حقيبة وزارية تشارك فيها المكونات السياسية الفاعلة. وتأتي هذه التطورات في أعقاب تجدد المواجهات العسكرية في محافظة أبين شرقي عدن بين قوات الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، والتي وصفتها مصادر عسكرية لـ“العرب” بأنها الأعنف منذ شهور. واعتبرت المصادر هذه المواجهات بأنها محاولة أخيرة لإحراز أي اختراق في المسار العسكري، قبل العودة مجددا لاتفاق الرياض كمرجع سياسي ينظم العلاقة بين المكونات والقوى المناهضة للانقلاب الحوثي. ووفقا لمصادر خاصة، فقد توقفت المواجهات في أبين، في أعقاب إنذار شديد اللهجة وجهه التحالف العربي لطرفي النزاع وإمهالهما مهلة محددة لوقف إطلاق النار والالتزام بالهدنة المنصوص عليها في بنود اتفاق الرياض الموقّع عليه بين الجانبين في نوفمبر من العام الماضي. واتهم القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي سالم ثابت العولقي جماعة الإخوان المسلمين في اليمن بالوقوف خلف التصعيد العسكري الذي شهدته أبين ومحاولة عرقلة إعلان الحكومة، وقال العولقي في تغريدة على تويتر “غرد رئيس الهيئة العليا لإخوان اليمن من داخل تركيا (محمد عبدالله اليدومي) قائلا: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. بعدها بنصف ساعة دشنت ميليشياتهم معركة هي الأعنف منذ أشهر، ومازالت المعركة تدور رحاها في أبين. لقد دفن الإخوان وداعموهم اتفاق الرياض وآن الأوان أن تعود إلى عدن أخي الرئيس (منصور هادي) وتقود معركة الحسم”. وعلق نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح في تصريح لـ“العرب” على المواجهات بين قوات الحكومة اليمنية والانتقالي قائلا إنها تمثل “المحاولة الأخيرة لميليشيات الإخوان المسلمين للتنصل من اتفاق الرياض، كما أنها تمثل استمرارا لنهج استفزاز المجلس لدفعه للانسحاب من مشاورات تنفيذ الاتفاق وتحميله المسؤولية عن الفشل”. وعن الأنباء المسربة عن قرب تشكيل الحكومة، قال القيادي في المجلس الانتقالي “بالنسبة لإعلان الحكومة مازلنا ماضين مع التحالف العربي الذي يبدي حرصا على تنفيذ اتفاق الرياض ويبذل جهدا كبيرا في هذا الاتجاه رغم محاولات التعطيل التي تتعمدها الشرعية والتي يبدو أنها تعمل على التأخير للعب على عامل الوقت لحسابات لديها، ونتوقع أن تحمل الأيام القليلة القادمة عملا ملحوظا ونتائج إيجابية باتجاه إعلان الحكومة”. ويشير الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز فنار لبحوث السياسيات، عزت مصطفى في تصريح لـ”العرب” إلى أن التداعيات التي تحيط بتنفيذ اتفاق الرياض وفي مقدمة ذلك تشكيل الحكومة وتطبيع الأوضاع العسكرية تعود في الأساس لمحاولة تنظيم الإخوان المسلمين (فرع اليمن) الهروب من الاستحقاقات السياسية المترتبة على تنفيذ الاتفاق وإعلان الحكومة، وهو ما يفسر هروبه المستمر إلى التصعيد العسكري في أبين مع كل انفراجة سياسية في محاولات يائسة لتحقيق تقدم بأي قدر كان أو نصر جزئي ولو كان إعلاميا. ويضيف مصطفى “الإخوان فشلوا حتى في تحقيق نصر إعلامي مزيف رغم خبرتهم الكبيرة في ذلك، ويدلل هذا على مدى الإحباط الذي تواجهه ميليشياتهم على هذه الجبهة التي لم يعد بإمكانهم توظيفها سوى في إشعال التوتر بهدف دفع الانتقالي الجنوبي إلى تحديد موقف سياسي من تنفيذ اتفاق الرياض ليظهر كمعرقل ويتمكن تنظيم الإخوان من استغلال أي رد فعل سياسي من الانتقالي برفض تنفيذ الاتفاق كذريعة جاهزة كانوا مستعدين لرفعها، وهو الأمر الذي تعامل معه الانتقالي الجنوبي بمسؤولية كبيرة رغم الاستفزازات العسكرية الإخوانية المتصاعدة، ما يعطي دلالة على أن الانتقالي يدير صراعه مع الإخوان في ملف تنفيذ اتفاق الرياض وفق خبرة معرفية بأساليب وتكتيكات تنظيم الإخوان”. ويؤمل قطاع عريض من اليمنيين في إسهام تشكيل الحكومة في تخفيف حدة الاحتقان السياسي في معسكر الشرعية، والتحول في طريقة تعاطي الحكومة الجديدة مع الملفات المتراكمة ومواجهة استحقاقات التغير المرتقب في الموقف الدولي، في ظل النشاط الأممي الحثيث لتمرير وثيقة “الإعلان المشترك” بين الحكومة اليمنية والحوثيين. ويؤكد الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في تصريح لـ”العرب” أن أمام الحكومة اليمنية الجديدة التي ستعلن وفقا لاتفاق الرياض عوائق وعقبات كبيرة لتجاوزها تتطلب مساندتها بإخلاص من جميع القوى السياسية وتقديم المصالح الوطنية العليا على المصالح الحزبية والمناطقية، لافتا إلى أنّ نجاح الحكومة الجديدة سيتحدد من خلال صدق النوايا للمكونات المشاركة فيها وأولها معيار الكفاءة في اختيار الوزراء، مستدركا بأنّه إذا “أعلنت الحكومة بشخصيات لا تتمتع بالنزاهة والكفاءة فإن هذا سيكون مؤشرا سلبيا”. ويشير الجبري إلى وجود حزمة من التحديات التي ستواجه الحكومة القادمة، من أبرزها إعادة ترتيب وضع القوات العسكرية والأمنية ودمجهما تحت قيادة واحدة في وزارتي الدفاع والداخلية، بالإضافة إلى توحيد الإيرادات المالية وتنظيم آلية عمل المؤسسات التي لا يزال بعضها منقسما بين عدن وصنعاء بما في ذلك قطاع الاتصالات والطيران المدني.