كثيرة هي التعيينات بدرجة ومخصصات (دُب)!
يروى أنه في إحدى الغابات أُعلن عن وظيفة شاغرة لوظيفة أرنب، لم يتقدم أحد غير دب عاطل عن العمل، وتم قبوله وصدر له أمر التعيين. وبعد مدة لاحظ الدب أن في الغابة أرنباً معيناً بدرجة وظيفية هي (دب) ويحصل على راتب ومخصصات دب، أما هو فكل ما يحصل عليه مخصصات أرنب! تقدم الدب بشكوى إلى مدير الإدارة وبموجبه تشكلت لجنة من (النمور) للنظر في الشكوى، وتم استدعاء الدب والأرنب للنظر في القضية. طلبت اللجنة من الأرنب أن يقدم أوراقه ووثائقه الثبوتية، وكل الوثائق كانت تؤكد أن الأرنب دب. ثم طلبت اللجنة من الدب أن يقدم أوراقه الثبوتية، فكانت كل الوثائق تؤكد أن الدب أرنب!. فجاء قرار اللجنة بعدم إحداث أي تغيير لأن الأرنب دب والدب أرنب، بحسب ما تشير إليه الوثائق. حينها لم يستأنف الدب قرار اللجنة ولم يعترض عليه، وعندما سألوه عن سبب موافقته للقرار أجاب: كيف أعترض على قرار لجنة (النمور) التي تشكلت من مجموعة من (الحمير) وكل أوراقهم تقول إنهم نمور؟! هذه الحكاية الساخرة بأبعادها ودلالاتها الرمزية التي تعكس حالة الغش والتدليس في المجتمع وعدم إعطاء كل ذي حق حقه تكاد تحاكي الواقع الذي نعيشه اليوم جراء الظلم والقهر والفساد الذي يعتري مختلف نواحي حياتنا ومن ضمنها تلك القرارات، وما أكثرها، الصادرة بالتعيين لغير أهلها من الكفاءات، دون مراعاة لأبسط معايير وشروط وإجراءات الوظيفة العامة بحسب الأنظمة والقوانين. ففي الوقت الذي يوجد فيه الآلاف من خريجي الجامعات من ذوي المؤهلات العلمية ومن مختلف درجاتهم ومستوياتهم من الشباب طالبي العمل والتي تعج بها أدراج مكاتب الخدمة المدنية في مختلف المحافظات قيد التسجيل، ومنذ عدة سنوات مضت تنتظر حقها القانوني في التوظيف ورفدهم إلى سوق العمل ولو بدرجة ومخصصات (أرنب)، فإنه بالمقابل نرى ذلك الكم الهائل من القرارات وفي إطار الفساد السياسي للاستحواذ على المناصب والوظائف الحساسة في الدولة ذات السمعة والسلطان والتي تقضي بالتعيين في الوزارات والمنظمات والهيئات والبعثات الدبلوماسية ومن خارج الحدود حتى لمن بلغوا أحد الأجلين أو كلاهما معاً، وكذلك لمجموعة من رموز الفساد في النظام السابق وكأنها مكافأة لهم لنهاية الخدمة على فسادهم في الماضي، بدلاً من إتاحة الفرصة للشباب العاطلين عن العمل، وجلها قرارات لا تراعي الكيف والضرورة، بل تراعي جانب المحاباة والمجاملات والمحسوبية والوساطة وذوي القربى، وبمثابة اغتصاب للوظيفة العامة على حساب الكفاءات الحقيقية لمن لا سند لهم، تكاد تلك الوظائف تقدم لهم كوجبات مجانية تعتمد قائمة طلباتها على الزيت المقطر من الخارج هي في الأصل وظائف تفوق قدراتهم أو تخالف توقعاتهم ليحظى بها الشخص منهم بوظيفة (أرنب)، ولكن براتب ومخصصات (دب)!.