اخبار وتقارير
حقائق وأدلة على علاقة قوى الشمال (الحوثيون – الإخوان – المؤتمر) بالكيان الصهيوني(لقاءات سرية – تهريب مخطوطات – عمل استخباراتي)
لم تعد الشائعات التي يروّجها قادة وأحزاب الشمال اليمني حول الجنوب والمجلس الانتقالي الجنوبي فيما يخص العلاقة بإسرائيل سوى محاولات مكشوفة للهروب من الحقائق. فالوثائق التاريخية والأحداث المعاصرة تكشف أن تلك القوى نفسها هي صاحبة العلاقات الأعمق والأكثر رسوخاً مع الكيان الصهيوني، سواء عبر صفقات سرية أو لقاءات مباشرة أو ترتيبات استخباراتية امتدت من عهد الإمامة وحتى اليوم. رغم الشعارات العدائية التي يرفعها الحوثيون ضد إسرائيل، إلا أن الواقع يكشف عن مسارات مصالح خفية جمعت الطرفين. ففي عام 2015 ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تسجيل مصوّر وهو يستعرض مخطوطة توراة نادرة وصلت من اليمن خلال استقباله الحاخام اليمني سليمان دهاري ، وقد ارتبط اسم دهاري في الأوساط الإعلامية بصلات مع الحوثيين، بعد تداول صور له وهو يحمل سلاحاً يحمل شعار الجماعة. ذلك اللقاء ترافق مع عملية تهجير لسبعة عشر يهودياً يمنياً إلى إسرائيل تخللها إخراج مخطوطة توراتية نادرة، في صفقة تشير بعض المصادر إلى أنها وفّرت للحوثيين مبالغ مالية كبيرة قُدّرت بمئة مليون دولار، إضافة إلى تمرير شحنات سلاح عبر شبكات تهريب مرتبطة بالجماعة. هذه الوقائع تعيد إلى الأذهان أحداثاً مشابهة في عهد الإمام يحيى حميد الدين، وهو من السلالة التي ينتمي إليها الحوثيون. فقد شهد عهده صفقات كبرى لترحيل اليهود اليمنيين إلى فلسطين المحتلة، وكانت عملية "بساط الريح" بين عامي 1949 و1950 أبرزها، حيث تم نقل ما يقرب من خمسين ألف يهودي يمني في إطار اتفاق إقليمي ودولي عُرف في الغرب باسم "على جناح النسر". وهو ما يكشف أن ملف اليهود اليمنيين ظل ورقة سياسية قابلة للاستثمار منذ مطلع القرن العشرين وحتى اليوم، وأن التناقض بين الشعارات المعلنة والمصالح الخفية ليس جديداً على هذه السلالة. أما حزب الإصلاح، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في اليمن، فقد بدأت خلال السنوات الأخيرة تظهر تحولات غير مسبوقة في توجهاته الاستراتيجية ، فبينما كان معروفاً بتحالفاته التقليدية مع بعض دول الخليج، برزت اليوم دعوات من قياداته إلى الانفتاح على إسرائيل تحت ذريعة مواجهة الحوثيين وقطع النفوذ الإيراني. قناة 24 الإسرائيلية بثّت سلسلة حلقات متواصلة ناقشت الوضع في اليمن والخليج والمخاطر التي يسببها الحوثيون للملاحة الدولية في البحر الأحمر، وخلال تلك الحلقات ظهرت تصريحات لقيادات إصلاحية تدعو بشكل واضح إلى التنسيق مع إسرائيل سياسياً وعسكرياً. هذه الشهادات تكشف أن خطاب العداء المعلن لم يعد يتسق مع توجهات الحزب الجديدة في ظل تعقيدات الحرب. أما حزب المؤتمر الشعبي العام، فقد سجّل بدوره سوابق واضحة في إقامة قنوات اتصال مع إسرائيل. فقد وثقت صور ووثائق زيارة وزير الخارجية اليمني الأسبق عبدالكريم الإرياني إلى تل أبيب عام 1994، حيث التقى برئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز طالباً دعمه وإسناده في الحرب ضد الجنوب. كما كشفت تقارير أخرى عن لقاءات للرئيس السابق علي عبدالله صالح مع مسؤولين إسرائيليين، عرض خلالها تسهيلات لوجود الأساطيل الإسرائيلية في سواحل الحديدة والبحر الأحمر مقابل مساندته في اجتياح الجنوب. إن جذور هذه العلاقات تعود إلى ما بعد حرب أكتوبر 1973 عندما أقدمت البحرية الجنوبية بالتنسيق مع البحرية المصرية على إغلاق مضيق باب المندب ومنع مرور النفط الإيراني إلى إسرائيل لمدة ثمانية وعشرين يوماً، وهو ما ألحق ضرراً كبيراً بتل أبيب ودفعها إلى النظر بعين العداء لدولة الجنوب، لتتجه لاحقاً نحو بناء علاقات استراتيجية مع قوى شمالية لتأمين مصالحها البحرية. هذه الشواهد كلها تؤكد أن العلاقة مع إسرائيل ليست وليدة اللحظة، بل هي نهج متجذر في سياسات قوى الشمال اليمني، سواء عبر الحوثيين الذين تاجروا بالمخطوطات واليهود، أو عبر الإخوان الذين طرحوا خيار التحالف مع إسرائيل لمواجهة خصومهم، أو عبر المؤتمر الشعبي العام الذي فتح قنوات مباشرة مع تل أبيب منذ تسعينيات القرن الماضي. أما اتهاماتهم للجنوب والمجلس الانتقالي الجنوبي فلا تعدو كونها أدوات تضليل سياسي هدفها التغطية على تاريخ طويل من التنسيق والصفقات مع الكيان الصهيوني